اكتئاب ما بعد التخرج
تُظهر الأبحاث مدى واقعية حالات الاكتئاب ما بعد التخرج التي تواجه الطلاب الخريجين وتزايد هذه الحالات بصورة كبيرة في وقت تفشي جائحة كورونا وتأثر الأنظمة الاقتصادية بها.
غالبا ما يُصاب الشباب بهذا النوع من الاكتئاب بعد إكمالهم للمقررات الدراسية وحصولهم على شهادة البكالوريوس ويعود ذلك إلى انتقالهم من بيئة محاطة بأشخاص تعايشوا معهم على مدار سنوات إلى بيئة أخرى مليئة بالمسؤوليات وضغوطات البحث عن عمل والوحدة التي يُعانون منها.
يقول بيترسون:” غالبا ما تمنحك الجامعة وسادة أمان بين المراهقة والبلوغ الكامل”
لكن الأن جاء وقت العمل الجاد وتحمل المسؤوليات والبدء في تلبية جميع التوقعات التي تضعها العائلة وهذا ما يُسبب لهم القلق الدائم والذي قد يتحول إلى حالة من الاكتئاب إن لم يُنظر في الأمر بجدية.
العوامل التي قد تؤدي إلى اكتئاب ما بعد التخرج:
- تغير عقلية الطالب إلى عقلية شخص بالغ تُحيطه المسؤوليات يترتب عليها تحول في المعيشة والروتين اليومي.
- التأثر بالوضع الاقتصادي العام وشح الوظائف خاصة في الآونة الأخيرة.
- حالة العزلة القسرية بسبب انتشار الوباء وما يتبعه من مخاوف من الموت والمرض.
- الشعور بالوحدة بسبب البُعد عن الأصدقاء وصعوبة التواصل معهم.
- صعوبة التأقلم مع الحياة السائدة.
- المقارنة المستمرة مع من حققوا النجاح بسرعة.
على الرغم من أن اكتئاب ما بعد التخرج لم يتم تشخيصه رسميا وليس له مصطلح في قاموس الجمعية الأمريكية للطب النفسي فإنه يُستخدم بشكل شائع لوصف حالة الحزن الشديد والقلق وضعف الأداء الذي يُعاني منه الخريجون بعد الخروج من أسوار الجامعة إلى بيئات أكثر انفتاحا.
ما هي أعراض الاكتئاب؟
تشمل أعراض اكتئاب ما بعد التخرج:
- الشعور بالوحدة والعزلة عن الجميع.
- منظور سلبي للحياة وعدم الرغبة في الاستيقاظ ومغادرة الفراش.
- الحزن والقلق المستمر وقلة الدافع.
- فقدان الاهتمام بالأشياء الممتعة والشعور باليأس والفوضى.
- نوبات بكاء مفاجئة ومشاكل في النوم يتبعها بعض الصداع.
- الإدمان على بعض الأشياء كالسجائر أو الكحوليات.
- في بعض الحالات قد يفقد الشخص الأمل تماما في تغير حياته نحو منحنى أفضل.
على الرغم من خطورة هذه الأعراض ومدى انتشاره خاصة في جيل الألفية فإن بعض الأطباء النفسيين المهتمين بهذا الموضوع يقولون أن عدم وجود دراسات كثيرة عنه حتى الأن هو رفض الخريجين التحدث عنه في العلن وتحمل الضغط النفسي الذي يتبعه بسبب أن التخرج يرتبط بمحطة سعيدة في حياتهم ومن النادر التحدث مع الآخرين عن شيء محزن أو مقلق في لحظات الفرح.
بعض الأبحاث أيضا وجدت علاقة وطيدة بين ارتفاع معدلات الاكتئاب وارتفاع معدلات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وذلك لأن الأشخاص يطلّعون على الصورة المثالية لحياة المؤثرين والمشاهير أو يتابعون الإنجازات التي يحققها أصدقائهم بينما هم لم يتحركوا من مكانهم حتى الأن.
تظهر هذه المشاعر السلبية بصورة كبيرة بين الخريجين أو حتى الأشخاص الذين مضت عليهم السنوات منذ تخرجهم دون إنجاز شيء في حياتهم وهذا قد يؤدي في مرحلة ما إلى الإصابة بالاكتئاب وقد يزداد الوضع سواءً إن لم ينظر في الأمر بشكل جدي.
الوقاية من اكتئاب ما بعد التخرج:
- للوقاية من هذا الاكتئاب على الطالب الذي يوشك على التخرج التفكير في وضعه الجديد وكتابة خطة لتحديد الخطوات التالية بعد انتهاء رحلته الأكاديمية.
- يظن الكثير من الطلاب أن مرحلة ما بعد التخرج هي وقت للراحة من هم الدراسة لكنها أكثر فترة قد تحظى فيها على الفرص التي قد تغير حياتك بالكامل.
- حدد المكان الذي تريد العيش فيه ومصادر الدخل لديك ( الاستقلال المادي أمر مهم جدا في هذه المرحلة) لا تخجل من العمل في غير مجالك إلى حين عثورك على وظيفة أحلامك.
- ضع مبادئ وقيم تمشي عليها وحدد الأهداف الرئيسية في حياتك.
- إذا اخترت الدخول إلى سوق العمل مباشرة فأنصحك بإعداد نفسك للوظيفة والتواصل مع مستشار مهني أو شخصية ناجحة في نفس المجال الذي تريد العمل فيه.
- شارك في الأنشطة الاجتماعية وانخرط في العمل الطوعي فمساعدة الآخرين تمنحك شعور رائعا.
- عود نفسك على مقاومة البيئة الجديدة بصعوباتها فأنت لن تجد أي شيء بسهولة كما تعتقد.
كيفية التخلص من اكتئاب ما بعد التخرج؟
- الفشل أمر بديهي في بداية رحلتك لذا حاول التعلم من أخطائك بدل اليأس.
- إنشاءك لخطة عمل واضحة والالتزام بعادات نوم صحية يبعدك عن الفراغ وضياع الوقت فيما لا ينفع.
- حاول الخروج من المنزل ومقابلة بعض الأصدقاء أو المعارف بين الحين والاخر خاصة إن لم تجد وظيفة فور تخرجك.
- حاول الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي لفترة من الزمن وإن كان ذلك صعبا عليك فإنك ستعتاد على الأمر بعد فترة قصيرة كما أنك ستشعر بالراحة وتحسن في حالتك النفسية.
- عدم مقارنة نفسك بالآخرين؛ لأن الحياة لا تمضي في خط مستقيم يمشي عليه جميع الناس فلكل شخص طريق خاص به يقوده نحو أحلامه وأهدافه.
- من أكثر الأشياء التي ستشعرك بالضياع بعد التخرج هو الفراغ الذي ستحس به وذلك لعدم وجود روتين يومي تمشي عليه لأن الجامعة كانت تنظم لك ساعات يومك من دون أن تشعر ومع غيابها تنتابك هذه المشاعر والحل لهذه المشكلة هو وضع روتين يومي لمهامك حتى وإن لم تلتزم به بالكامل.
- استثمر في الأشياء التي تحبها بشكل صحيح ولا تجعل كل وقتك للهو واللعب لأن ذلك سيشعرك بالتثاقل والإجهاد في أوقات الجِد والعمل.
- ثبت أن ممارسة التمارين بانتظام يحد من التوتر ودرء القلق والاكتئاب وتعزيز احترام الذات وتحسين عادات النوم بالإضافة إلى فوائدها الصحية.
- كن متيقنا بأن هذه المرحلة من حياتك مؤقتة وتذكر بأن الصعاب التي تمر بها الأن لن تدوم طويلا فلكل شيء في الحياة وقته.
متى عليك طلب المساعدة؟
غالبا ما يظن الطالب أن مشاعر الحزن ما هي إلا نتيجة الضغوطات التي يمر بها، وقد تكون كذلك بالفعل لكن إن استمرت الأعراض لوقت طويل وبدأت بفقدان الأمل في كل شيء عليك بطلب المساعدة من العائلة أو الأصدقاء والمتابعة مع معالج أو أخصائي نفسي خاصة إن راودتك رغبة في إيذاء نفسك.
أهم النصائح والمهارات لكل خريج جامعي:
- اكتسب مهارات العمل المختلفة وكن متقنا لمجالك.
- تعلم مهارات التواصل وبناء العلاقات.
- اهتم بمهارات القيادة وإن لم تكن مديرا على أحد.
- قم بإعداد نفسك مهنيا واكتسب المزيد من الخبرات.
- كن مواكبا للعالم من حولك حتى تنافس في سوق العمل.
وفي الختام يقول غاري فيانيرتشوك:
” أن الخمس سنوات القادمة من بعد تخرجك هي الفترة التي لن تكون فيها شخص عملي أو في عمل أمن..
هذا في الغالب ليس الوقت الذي ستحصل فيه على الوظيفة التي تريدها..
وهذا ليس الوقت الذي ستجمع فيه قدرا كبيرا من المال لكي تشتري ما تريد!
بل هذا هو الوقت الذي يجب أن تستوعب فيه بأن لديك خمس سنوات
وقد تختلف من شخص لآخر لكي تحدد الحياة التي تريد عيشها”.
يمكنك أيضا الإطلاع على:
هل الشهادة الجامعية مهمة في وقتنا الحالي؟!
ما بعد التخرج من الجامعة: دليلك الشامل للانتقال إلى سوق العمل
مصادر:
كتاب 101 نصيحة للخريجين
https://www.snhu.edu/about-us/newsroom/health/post-graduate-depression