تدهور الوضع الاقتصادي في جميع أنحاء العالم خاصة في الوطن العربي مع انكماش السوق بسبب الحروب وجائحة كورونا كل هذه الأسباب ولدت شُح في الوظائف وبات من الصعب على خريجي الجامعات الحصول على وظيفة فور تخرجهم وحصولهم على الشهادة الجامعية.
وفقا لتقرير منظمة العمل الدولية فإن الدول العربية تسجل أعلى وأسرع معدل بطالة بين الشباب في جميع أنحاء العالم للعام 2022 وقد أفاد التقرير بأن الوضع أسوأ بالنسبة للفتيات في المنطقة العربية، هذا الأمر جعل العديد من الشباب يتساءلون عن أهمية الشهادة الجامعية ودورها في الحصول على الوظيفة والاستقرار المالي؟
من مشاكل التعليم الجامعي في وطننا العربي والتي تؤثر على أهمية الشهادة الجامعية وحياة الطالب المهنية مستقبلا:
- ضعف المناهج التعليمية وعدم تحديثها لتلائم التطورات في وقتنا الحالي.
- الجامعة لن تعلمك المهارات الأساسية التي تحتاجها في سوق العمل.
- ارتفاع العلامات في المواد النظرية اكثر من المواد العملية.
- المنهج التعليمي يعتمد أكثر على التلقين والحفظ ولا يركز كثيرا على التطبيق العملي.
إذن هل هذا يعني بأنه ليس من المهم الدخول إلى الجامعة والحصول على شهادة؟ بالطبع لا؛ فأهمية الجامعة يمكن ذكرها في العديد من الأشياء:
- الكثير من التخصصات تتطلب شهادة عند التقديم للعمل فيها كالطب والهندسة.
- الحصول على فرص دراسية لاستكمال مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
- الاختلاط مع أشخاص من مناطق متفرقة مما يساعدك في تقوية علاقاتك الاجتماعية.
- الشهادة الجامعية تؤثر على مكانتك في المجتمع.
ما أقصده هنا على الرغم من أهمية الجامعة لكنها ليست بالضرورة هي المسؤولة عن توظيفك وحصولك على المال؛ فالعديد من العظماء والأثرياء حول العالم حققوا نجاحهم دون الدخول إلى الجامعة، فأين يكمن مربط الفرس؟
من أجل توضيح الأمر لكم أكثر يمكن تقسيم الطلاب إلى فئات:
1/ طالب قرر الدخول إلى الجامعة
إذا كنت تريد إكمال رحلتك التعليمية بحصولك على الشهادة الجامعية، عليك أن تعلم بأن الأهم من الدخول إلى الجامعة هو معرفة المجال الذي تريد استكمال حياتك المهنية فيه، فما الفائدة من تضييع خمس سنوات أو أكثر من حياتك في دراسة مجال لا تحبه ثم العمل في مجال آخر فقط لأن الظروف هي من أجبرتك على دراسته! .
هذا الوقت الثمين الذي ستهدره قد يجعلك تكتشف الشيء الذي تحبه وبممارسته خلال هذه السنوات يمكنك أن تتميز وتبدع فيه.
فما يجب عليك تغييره هو طريقة التفكير التي يتبعها معظم الناس وبالأخص الآباء في تقرير مصير أبنائهم دون معرفة قدراتهم وما تميل إليه أنفسهم.
لكن إذا كنت ترى بأنك في المجال الصحيح وتدرك أهمية الشهادة في مجالك فعليك باتباع هذه النصائح:
- خذ ما ينفعك فقط من الأنشطة والفعاليات التي تقام في الجامعة ولا تنغمس فيها.
- ابدأ رحلة التعلم الذاتي من أجل تعلم جميع المهارات التي تحتاجها في تخصصك.
- استفد من فترة الجامعة في إتقان اللغة الإنجليزية.
- استغل فترة العطلات في التقديم للدورات التدريبية في الشركات أو المؤسسات المرتبطة بمجالك حتى تعتاد على طبيعة عملك وتكتسب خبرة فيه.
- كن شغوفا لتعلم أشياء جديدة وابني علامة تجارية لنفسك مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي.
2/ طالب لا يريد دخول الجامعة:
على الرغم من أهمية الشهادة الجامعية واعتمادها كمصدر أساسي للتوظيف في وطننا العربي إلا أن هنالك بدائل لها، خصوصا في التخصصات التي تعتمد على المهارات كالبرمجة والترجمة والتصميم والحرف اليدوية.
فلنفترض أنك قد حددت المجال الذي تريد العمل فيه وهذا المجال لا يعتمد بالضرورة على الشهادة فما الذي عليك فعله حتى تكون ناجحا فيه؟
- التحق بمدرسة مهنية من أجل تعلم الأساسيات واكتساب الخبرة عن طريق التطبيق العملي.
- سجل في الكورسات والورش التدريبية وتابع أحدث التقنيات التي تظهر في المجال.
- شارك بمهاراتك وخبراتك في الأعمال التطوعية أو قدم محتوى تعليمي للآخرين.
- اكتسب المهارات التي تحتاجها في سوق العمل.
- يمكنك الدخول إلى مجال العمل الحر أو البدء في مشروعك الخاص.
- ابني البراند الخاص بك حتى تكون معروفا وتكتسب ثقة من حولك.
3/ طالب يقف في نقطة باهتة ولا يدري ماذا يفعل؟
إذا كنت غير مدرك للمجال الذي تريد العمل فيه وأنت على أبواب التخرج من الثانوية العامة أو حتى في سنواتك الأولى من الجامعة لكنك تدرس في مجال أدخلتك إليه علاماتك فحسب، فأنا أنصحك أولا بتغيير فكرتك عن أن الوظيفة ما هي إلى مهام تقوم بها من أجل الحصول على المال وتلبية احتياجاتك المختلفة؛ فهذه الفكرة ستجعلك غير راضٍ عن نفسك حتى وإن بذلت كل وقتك وجهدك للعديد من السنوات!.
هذه بعض النصائح حتى تجد المجال المناسب لك:
1/ ابحث عن شغفك
بمعنى حدد الأشياء التي تقوم بها بصوره مستمرة، أو التي تشعرك بالمتعة عندما تقوم بها، ما هي اهتماماتك اليومية، وكيف تقضي وقت فراغك، واسأل نفسك هل الأشياء التي تقوم بها مفيدة وقابلة لاستخراج الأفكار منها؟.
2/ لا تجعل الشغف هو من يقودك فحسب، اختار المجال الذي لديه فرص في المستقبل أو بما يسمى ” وظائف المستقبل”.
3/ قم بوضع قائمة بالمجالات التي تشعر بالاهتمام تجاهها وابدأ عملية بحث شاملة عن مميزاتها وعيوبها وفرصها في سوق العمل ويفضل سؤال أشخاص يعملون في نفس المجال.
4 / يمكنك البحث عن فرص تدريبية أو العمل بدوام جزئي حتى تتأكد إن كان العمل يناسبك.
5/ كن صادقا مع نفسك في رحلة بحثك عن المجال المناسب لك ولا ضير في طلب المساعدة من أشخاص تثق بهم.
6/ يمكنك تحويل هوايتك إلى مهنة إذا وجدت نفسك تقضي الكثير من الوقت في تعلم أشياء جديدة عنها وتشعر بالراحة عند القيام بها.
7/ تأكد أن المسار الوظيفي الذي ستختاره سيوفر لك مستوى معيشي مقبول، وفكر في طرق لزيادة دخلك من خلاله.
المغزى من هذا المقال ليس التقليل من شأن الشهادة الجامعية بل تغيير نظرة المجتمع إلى أن الجامعة هي السبيل الوحيد لضمان مستقبل الأبناء وحصولهم على الوظيفة ومصدر الدخل المالي؛ فالتطور المتسارع من حولنا وظهور ما يعرف بوظائف المستقبل يجعلنا ندرك بأننا نحتاج توسيع نطاق بحثنا أكثر من مجرد الحصول على الشهادة، وتقبل البدائل المتاحة للجامعة.
أريد أن أرى أرائكم واستفساراتكم حول هذا الموضوع المهم، يمكنكم ترك تعليق في الأسفل.
يمكنكم أيضا أن تطلعوا على المقالات التالية:
ماذا تفعل بعد التخرج من الجامعة؟